الجمعة، 16 مارس 2007

مقال أعجبني

فيصل النفوري يفحم علماء يهوداً في مناظرة تلفزيونية

اجرى اليهود في الاوروغواي مناظرة تلفزيونية مثّل الجالية العربية فيها الدكتوران هلال وعقيقي اللذان دافعا عن العرب وقضيتهم, الا انهما لم يتمكنا من الانتصار لقلة المعلومات المتوفرة لديهم حول الموضوع, بعكس اليهود الذين حملوا معهم الى التلفزيون, عدا عن بنائهم العقائدي, كمية كبيرة من المعلومات والوثائق والصور, حتى احد الافلام.

وما كان منهم بعد انتصارهم هذا, الا ان تحدوا قنصل سوريا ليحضر بنفسه الى التلفزيون ان كان يملك الحجة, أو يرسل من يشاء لمناظرة في القناة 10 بعنوان : " هل ممكن احلال السلام بين العرب واسرائيل ", يهدفون من ورائها الى اظهار العرب بمظهر المعتدين المحبين للحرب, والاسرائيليين كمعتدى عليهم يرغبون في السلام ويدعون اليه.
ومساء السبت, 6 تموز 1968, اتصل هاتفيا قنصل سوريا العام في الاوروغواي بابن عمه الدكتور فيصل النفوري في بوينس ايريس, وطلب اليه الحضور لمجابهة التحدي اليهودي الذي يضايق كثيرآ ابناء الجالية العربية هناك.
وصباح 10 تموز 1968 وصل الدكتور فيصل النفوري الى الاوروغواي ليجد امامه في المناظرة التي اعلن عنها في التلفزيون وفي جميع الصحف المحلية, خمسة من اليهود المتخصصيين في شؤون التاريخ والسياسة وهم : أدواردو كوريا اغيري رئيس المؤسسة الاوروغواية الاسرائيلية, الدكتور ترايبيل استاذ التاريخ في جامعة الاوروغواي, الدكتور ايليا بلوت استاذ الحقوق الدولية في الجامعة نفسها,وماريوسيزار كبلون مدير الاذاعة التلفزيونية والجريدة الصهيونية في مونتيفديو.

في الموعد المحدد بدأت المناظرة, وكانت باللغة الاسبانية.
وبعد محاورة تصريحات الحكومات العربية طرح السؤال الرئيسي : " هل ممكن احلال السلام بين العرب واسرائيل؟
فأجاب الممثل اليهودي مردداً التصريحات والتهديدات التي جاءت بها وكالات الاخبار على السنة الحكام العرب, وقال ان برغم ذلك, لا بد من ان يحل السلام بين الطرفين في يوم من الايام.
ورد عليه الدكتور النفوري: نحن دعاة السلام بين البشر قبل كل انسان فكيف لا نريد السلام؟ نحن أوجدنا الابجدية واعطيناها الانسانية ليتم التفاهم بواسطتها ويحل السلام.
نحن اعطينا العالم دستور حمورابي اول شريعة في العالم, لينقل البشر من شريعة الغاب الى اقامة الحق والعدل كي يحل السلام.
ومنذ آلاف السنين, بنينا مدينة القدس وسميناها باللغة السورية الارامية ** اورشليم **, ومعنى ( اور ) في الارامية مدينة, ومعنى ( شليم ) سلام.
ومن عندنا خرج بينيانوس والبيانوس اللذان ولدا في حمص وصور وتعلما في جامعة بيروت, وكان لهما الفضل في خلق الشريعة الرومانية التي لم تزل في العالم اساسا لكل قوانينه ودساتيره لتكون جميعها واسطة لاحلال السلام.
ونحن علمنا اليهود كلمة ( شالوم ) التي تعني السلام, وهي ليست عبرية بل ارامية سورية, فكيف لا نريد السلام ؟
ولكن هل ممكن قيام سلام على اساس الاغتصاب والاعتداء ؟ السلام يجب ان يقوم على اساس الحق والمنطق والانصاف والعدالة لا على اساس ان اغتصب بيتك ثم اضع المسدس في رأسك واقول لك : اعترف ان هذا القسم من البيت لي ووقع عريضة السلام.
‎‎‎‎‎ ممثل الاوروغواي اليهودي : اذن فلماذا كل هذه الاسلحة السوفياتية؟ اليست لاثارة الحروب وابادة اليهود وتمكين الماركسية واللينينية من العالم العربي ؟
الدكتور النفوري: ان الاسلحة هي للدفاع عن حق مغتصب. وانا استغرب ما تعنيه من تمكين الماركسية من العالم العربي, مع اننا نعلم جميعا ان الماركسية من اساسها فكرة يهودية. وقامت على سواعد اليهود واموالهم. وان كارل ماركس نفسه يهودي وكذلك لينين وتروتسكي وامراة ستالين واخوها كاغافيتش الذي كان اكبر القادة الماركسيين, واكثر قادة الماركسية في بولونيا ورومانيا واميركا الاتينية,وكوهن بنديت الماركسي الذي كان وراء اضطرابات الطلبة الفرنسيين وقام يطلب راس ديغول, لان ديغول مال قليلا الى الحق والى خدمة مصلحة فرنسا بعد حرب حزيران الماضية.
كما ترى, فالشيوعية نمت وترعرعت بين احضان يهودية. اما نحن في بلادنا فلنا من تراثنا وتقاليدنا وديننا ما يحول دوننا والماركسية. غير اني اسالك يا سيد اغيري كانسان من الاوروغواي : ترى ما هو موقفك لو اتى اليهود الى بلادك واستولوا منها على ولاية " تكواريمبو " ؟ هل تعطيهم السلام ام تهب لتناضل مع شعبك ؟.
اغيري: ** بصوت خافت ** طبعاً ساكون مع شعبي
الدكتور النفوري :حسنا تفعل. فهكذا اريدك وطنيا مخلصا لبلادك داعيا للنضال في سبيل الحق.

اغيري: ( بعد ان يستشير استاذ التاريخ الدكتورترايبيل ) : لكن فلسطين ارض يهودية منذ العصور الاولى للتاريخ جغرافيا وسياسيا وحقوقيا.
الدكتور النفوري: هل تعلم ماذا تعني جغرافيا وسياسيا؟ انها تعني ان فلسطين تابعة لجغرافيتا الحقيقية, اي انها احدى الولايات السورية, تلك الولايات التي هي بيئة طبيعية واحدة ومجال حيوي واحد.
الدكتور ترايبيل: التوارة تقول ان هذه الارض لليهود, كذلك يقول التاريخ يا دكتور النفوري.
الدكتور النفوري : اما التوراة يا دكتور ترايبيل فتقول ان ابراهيم عندما اتى الى القدس طلب من ملكها ان يسمح له كغريب ان يقيم بعض الوقت في تلك الديار. وهذا لا يعني ابدا ان هذه الارض يهودية بل العكس تماما. وفي الاصحاح ال 34 من التوراة نفسها وردت هذه العبارة : قال الرب لموسى انك داخل الى ارض كنعان. وانت تعلم يا دكتور ان الكنعانيين هم شعب سوري.
واما التاريخ فاسمع يا استاذ ما يقول التاريخ عن هذه الارض :
* 4000 سنة قبل المسيح سمتها الكتابات المسمارية المكتوبة على الاعمدة البابلية " مارتو ". اي الارض الغربية لانها غرب بابل.
* 2750 ق.م. يوحدها بوحدة سوريا الطبيعية سرجون الاول الاكادي الكبير.
* 2000 ق.م. تصبح ارض كنعان وتبقى حتى السنة 1000 ق.م حيث يستولي اليهود على قسم منها كدخلاء بعد حروب طويلة.
* 722 ق. م. يوحد سوريا < وفلسطين منها > سرجون الثاني ويقضي على اسرائيل.
* من 605 الى 586 ق.م. يحطم نبوخذ نصر دولة يهوذا ويعيدها الى بيئتها الطبيعية ويطرد البقية اليهودية الى بابل.
* 331 ق.م. يوحد الاسكندر الكبير الاجزاء السورية ومنها فلسطين.
* 200 ق.م يكتب عنها ابو التاريخ هيرودوتس, ويسميها ارض سوريا الفلسطينية.
* 198 ق.م. تقوم فيها المملكة السورية السلوقية التي تشمل جميع تلك الارض حتى مجيء الرومان.63 ق.م. يفتح الرومان بقيادة " بوميجو " سوريا ويجعلونها ولاية رومانية, ومنها فلسطين.
* 70 بعد المسيح يهدم تيتو الروماني الهيكل ويشرد ما تبقى من اليهود, وتبقى سوريا ولاية رومانية حتى 614ميلادية.
* 638 م. يفتحها عمر بن الخطاب وتبقى موحدة مع سوريا طول حكم المسمين حتى مجيء اول حملة صليبية السنة 1099 م.
* 1187 م يحررها صلاح الدين الايوبي من الغزو الاوروبي ثم يوحدها مع امها سوريا وتبقى كذلك حتى مجيء الاتراك.
* 1516 م ياتي اليها الاتراك ويكمثون فيها حتى 1918, عندما احتلها الحلفاء وقسموا سوريا ست دويلات بموجب معاهدة< سايكس بيكو > لتسهيل اقامة اسرائيل فيها, وكي لا تقوى هذه الامة على الدفاع عن نفسها في وجه الاعتداء الاثيم الذي لا مثيل له في التاريخ.
وفي كل هذه الحقبة التاريخية, لم يتمكن اليهود من الارض, الا مدة ثلاثمئة سنة, كانت ملأى بالحروب والنضال. لانهم كانوا يعتبرون دخلاء ولا حق لهم فيها كما هو وضعهم في وقتنا الحاضر.
اننا نستميحكم العذر يا دكتور اذ نعيدكم الى قراءة التاريخ وقراءة التوارة ايضا.
الدكتور ترايبيل : ( يفتح كتاب بين يديه كتابا صغيرا لاحد الكتاب اليهود ويقول ) : لنعد الى التاريخ ولنستشهد بأكبر مرجع تاريخي في عصرنا ارنولد توينبي. ان هذا المؤرخ يقول كما جاء في الكتاب, ان جميع الشعوب السورية قد انقرضت بعكس الشعب اليهودي الذي عاش بذكرى تلك الارض وبحلم العودة اليها.
الدكتور النفوري: اننا نستغرب ان يستشهد استاذ في التاريخ بكلمات احد كبار المؤرخيندون ان يكون بين يديه كتاب المؤرخ نفسه < فلسفة التاريخ>, حتى نرى اذا كان توينبي قال ذلك فعلا او لا. واني اتحدى الدكتور ترايبيل ان يأتينا بمؤلف توينبي لنظهر له عكس ادعائه. واكبر برهان على صحة قولنا, هو ما فعله اليهود بتوينبي منذ عامين في مونتريال < كندا >. حيث رشقوه بالبيض والبندورة وهو يلقي محاضرته التي نفى فيها بكل جدية حق اليهود في الاستيلاء على فلسطين. أما الشعوب السورية يا دكتور, فانها لم تنقرض, بل تلاحمت وتمازجت لتكون الشعب السوري الحالي صاحب الحق في كامل ارضه. عند هذا الحد سكت الدكتور ترايبيل ورفيقه الدكتور بلوت ولم يفوها بكلمة حتى نهاية المناظرة.
غير ان احد المناظرين اليهود تسلم الحديث وراح يصف البلاد العربية بأنها ملأى بالامراض والجهل برغم ما فيها من خيرات واراض شاسعة تفوق مساحتها ستة ملايين كيلومتر مربع, يسكنها حوالي مئة وعشرين مليون نسمة. في حين ان اسرائيل التي لا يتجاوز مساحتها الف كيلومتر مربع, اصبحت جنة خضراء بعدما كانت صحراوية قاحلة. وهذا ما يجب ان يتفهمه العرب فيقيموا الصلح مع اسرائيل ويعترفوا بها, وينتفعوا بخبرتها وعلمها. وهو امر لا بد ان يتم قريباً لان هذه هي ارادة الشعوب العربية.
ولحسن حظ الحقيقة كانت الكلمة الاخيرة للدكتور النفوري بعد اجراء القرعة فقال : من جهة الجهل والامراض, اعتقد انك تبالغ كثيراً . وان كان شيء من هذا الاتهام, فهو من مخافات الاستعمار وظلم المستعمرين وجهلهم وقسوتهم على شعب علم العالم وهداه من شرقه الى غربه. وانا استطيع ان ارد تجريحك بأحصاء واحد حصل في سوريا الحالية, حيث نجد نحوا 60 الف طالب في جامعاتها من اصل سكانها البالغين حوالي خمسة ملايين, وبينما لا نجد في الارجتين مثلا غير 70 الف طالب من اصل شعبها الذي يعد 24 مليون نسمة.
ومن جهة فلسطين التي تدعون انكم قلبتموها من صحراء الى جنة خضراء, اقول لكم انكم لم تبنوا مدينة واحدة من مدنها, لا قديما ولا حديثآ. انما نحن الذين بنوا مدنها جميعآ وانتم اغتصبتموها في غفلة من شعبنا.
والان اسمح لي يا شعب الاوروغواي ان اعرفك الى اليهود ونياتهم. الى المقياس الذي يقيسون به بقية شعوب العالم بالنسبةاليهم.
وهنا اخرج الدكتور النفوري من جيبه قصاصة من جريدة " كلارين " اوسع جرائد الارجنتين انتشارآ, تاريخها 6 تشرين الاول 1967, وفيها صورة "غريمبر" احد قادة اليهود الكبار وهو يلقي محاضرته في بوينوس ايرس الت يقول فيها بالحرف :** ان تفوق اليهود على الامم الاخرى يلقي على عاتقهم مهمة كبرى, هي مراقبة تاريخ العالم اجمع, وتوجيهه **. ويتابع : ** لا احد يعرف من هم اليهود. انهم شعب الله الخاص. شعب ذو مؤهلات غير عادية. اليه يرجع ما هو سيئ وما هو حسن في العالم. وهذا امر موجود منذ الازل في " التوارة".
هذا هو مقياس اليهود لبقية الامم ايها المستمعون. واني اضيف الى هذا القول قولا اخر لاعرفكم الى بعض ما ينون عمله. لقد كتبوا على باب برلمانهم هذه العبارة: ** من الفرات الى النيل حدودك يا اسرائيل **. اتعلم ايها المستمع ما يعني هذا القول ؟ ان المساحة بين النيل والفرات هي مليون كيلومتر مربع. وهي تحوي على الستين بالمئة من بترول العالم, عدا عن غناها الزراعي والمعدني.
كما انها تتوسط اكبر قاراته, اسيا, افريقيا واوروبا. ومتى اقام اليهود فوق هذه المساحة دولتهم الكبرى يصبح في امكانهم ان يتحكموا بالبشر ويوجهوا التاريخ العالمي ويراقبوه على حد زعم " غريمبر ". وذلك بواسطة الطابور الخامس اليهودي المتغلل داخل الامم والمتربص بها لاستغلال اقتصادها وتوجيه سياستها. وقد بدنا منذ الان نرى ذلك الاستغلال ونتلمس نتائجه في اميركا الجنوبية وما الت اليه من تعاسة اقتصادية برغم غناها الكبير.
نعم هذا هو الحمل الوديع ...... الذي يطلب منا السلام.
وبرغم انتهاء الوقت المعين ووجوب انتقال البرنامج الى مشهد اخر, تابع مدير البرنامج نفسه الكلام متهكما بقوله: اننا في الاخير لم تحصل على اية نتيجة من الدكتور النفوري حول ما اذا كان العرب يريدون السلام او لا. فقاطعه الدكتور النفوري قائلا : ان تهكمك غير مطابق للحقيقة. فأنا اوضحت في جميع اقوالي اننا شعب يريد السلام مع جميع الامم, ولكن على اساس القواعد السليمة للسلام التي هي الحق والمنطق والانصاف والعدالة, لا على اساس اقامة دولة ضمن دولة واغتصاب حقوق الناس وارضهم وبيوتهم. وبعد هل تسمح لي بسؤال صغير : هل انت يهودي يا حضرة المدير ؟ فأجاب المدير ( وقد امتقع وجهه لوقع السؤال لان شعب الاوروغواي لم يكن يعرف انه يهودي لحذفه قسماً من اسمه تضليلا للراي العام: نعم, انا يهودي. لماذا تسألني هذا السؤال؟.
الدكتور النفوري : ليقيس المستمعون مدى التجرد من اقوالك يا حضرة المدير.
فيجيبه المدير عندئذ :نعم, انا يهودي, لكني اؤمن بالمسيح وبالمحبة التي بشر بها المسيح.
فرد عليه الدكتور النفوري: ان المسيح الذي تدعي الايمان به, دعا الى الحق, وطرد بالسوط ابناء الافاعي من بيت ابيه.
وهنا انتهت المناظرة. واذا بجمهور كبير من المغتربين يدخلون صالون دار التلفزيون ليهنئوا الدكتور النفوري ويضموه الى صدروهم وعبارات الامتنان تتدفق من افواهم والدموع تملأ ماقيهم فرحا بأنتصار الحقيقية.

عن " الجريدة السورية اللبنانية الصادرة في بوينس ايرس "

ليست هناك تعليقات: